دور التقويم في العملية التعليمية يعد هو البُعد الثالث الذي يكمل عمليتي التعليم والتعلُّم بعد التخطيط والتنفيذ؛ فهو الممارسة التعليمية التي على ضوئها يتم تحديد مدى نجاح أو فاعلية خطة التدريس المطبقة، وعن طريقه يستطيع المعلم التحقق من مدى نجاحه في الوصول إلى تحقيق الأهداف التي وضعها.
والتقويم عنصر هام من العناصر الرئيسة لخطة الدرس التي يجب إعدادها مسبقًا، وهي:
تحديد موضوع الدرس، تحديد أهداف الدرس، تحليل بيئة التعلُّم، تحليل محتوى الدرس، اختيار المدخل المحفِّز (التمهيد)، إعداد الأنشطة المرتبطة بالتعليم والتعلم، إعداد الأدوات والوسائل التعليمية، التقويم.
مفهوم التقويم في العملية التعليمية:
هناك مفهومان للتقويم التربوي؛ أحدهما يعتمد على الطرق التقليديّة أو الطرق الشائعة في التقويم في العملية التعليمية (وهي الطرق القديمة)، والآخر يعتمد على المنهج التربويّ الحديث للتقويم، وهما كما يأتي:
التقويم التقليدي:
وهو تقويم يقيس التحصيل الدراسي للطالب من خلال قياس مهارات ومفاهيم بسيطة لديه، وهو تقويم يكون الطالب فيه هو محور التقويم، ولكنه لا يشارك في تقويم نفسه بنفسه، حيث يكون على شكل اختبار ورقي مكتوب يتم إعطاؤه لولي أمر الطالب.
التقويم الواقعي:
وهو تقويم يقيس شخصيّة الطالب بشتى جوانبها، حيث يجمع البيانات المختلفة عن الطالب في نمو الأداء، والمهارات العقلية والحياتية، والتحصيل العلمي، والقيم، والسلوك، وذلك باستخدام استراتيجيات وأدوات تقويم متعددة دون الاكتفاء بالامتحان المكتوب، كما يتيح الفرصة للطالب في المشاركة في تقويم نفسه. وهو تقويم يركز على العملية التعليمية نفسها بقدر ما يركز على نتائجها، في حين أن التقويم التقليديّ يركز على النتائج فقط.
أنواع التقويم في العملية التعليمية:
تختلف تلك الأنواع باختلاف وقت القيام بالتقويم، وهي كما يلي:
1- التقويم القبلي:
وهو عبارة عن عمليّة تقويم تحدث قبل البدء بتنفيذ عملية التدريس، وتهدف هذه العملية إلى كشف وقياس مهارات الطلاب ومعارفهم، وذلك قبل كل وِحدة من البرنامج الدراسي، وبالتالي يساعد هذا النوع من التقويم على قياس تأثير البرنامج الدراسي خطوة بخطوة، أو لكل وِحدة على حِدة.
وللقيام بالتقويم القبلي بطريقة منهجية سليمة يلزم أن يكون المعلم قادرًا على:
- تحديد خبرات الطلاب ومعرفة مدى استعدادهم لتعلم المهارات والمعارف الجديدة.
- تحديد أي خلل أو نقص في المعلومات القبلية (الخبرات السابقة المنتمية لموضوع الدرس).
- تحديد جزئيات الدرس التي بحاجة إلى تركيز أكبر.
- تحديد أي الطلاب بحاجة إلى عناية أكثر.
- إثارة الدافعية للتعلم.
- تحديد الطريقة المناسبة للتدريس.
- تحديد الزمن الكافي للتعلم.
- تحديد نقطة البداية لكل طالب.
2- التقويم التكويني (البنائي):
ويُعَد التقويم التكويني عملية تقويم مرحلية تتم أثناء تأدية المعلم للموقف التعليمي التعلُّمي؛ بهدف الوقوف على مدى تحقق الأهداف وأخذ تغذية راجعة مستوحاة من جمع المعلومات عن الطلاب وتعلمهم، ومن ثم تشخيص هذا الواقع, والتعرف على حاجات الطلاب والاعتماد عليها للتخطيط لتعلمهم اللاحق، حيث تقوم هذه العملية التقويمية على منهج منظّم، وهي تساعد على تحسين عمليتي التعليم والتعلُّم أثناء حدوثهما.
وللقيام بالتقويم التكويني (البنائي) بطريقة منهجية سليمة يلزم أن يكون المعلم قادرًا على:
- تشخيص تعلم المهارات وحل المشكلات بالطرق المناسبة.
- تقويم العملية التعليمية التعلُّمية خلال مسارها.
- تحديد مدى تقدم كل طالب نحو الأهداف التعليمية المنشودة.
- تحديد جوانب القوة لتدعيمها والضعف لتداركها.
- معرفة التغذية الراجعة عن الأداء.
3- التقويم الختامي:
وهو يحدث في نهاية الموقف أو العملية التعليمية، ويمكن فيه إعطاء قيمة رقمية أو لفظية أو غيرها تبيّن مقدار إنجاز الطالب وتحصيله العلمي.
وللقيام بالتقويم الختامي بطريقة منهجية سليمة يلزم أن يكون المعلم قادرًا على:
- وصف المستوى العام لتحصيل الطلاب من أجل اتخاذ القرارات المناسبة بشأن مدى بلوغ الأهداف المخطط لها.
- التأكد من وصول الطلاب جميعًا إلى درجة الإتقان المحددة في الهدف.
- تحديد أي الطلاب لم يصل إلى درجة الإتقان والمهارة أو الجزئية التي لم يتقنها بعض الطلاب.
من أدوات التقويم في العملية التعليمية:
1- الأسئلة السابرة.
2- الاختبارات بأنواعها.
3- تسجيل الوقائع التعليمية (وصف سير التعلُّم).
4- تسجيل قوائم الملاحظات (الملاحظة المقيدة، والحرة، والعابرة، والدورية).
5- تسجيل قوائم الرصد الكمي لمستويات الطلاب (الدرجات).
6- سُلَّم التقدير اللفظي (مقبول، جيد، جيد جدًا، ممتاز) أو (دائمًا، أحيانًا، نادرًا).
7- سلم التقدير العددي ( (المستوى1، المستوى2، المستوى3، المستوى 4، المستوى5).
8- سلم التقدير البياني.
9- التقرير الذاتي.
10- الاستبانة.
11- قائمة الشطب.
12- دراسة الحالة.
13- تحليل المحتوى.
14- التكليفات المنزلية (الواجب المنزلي).
استراتيجيات التقويم في العملية التعليمية:
استراتيجيات التقويم هي الطرق التي يتم من خلالها استخدام أدوات التقويم – التي عرضناها آنفًا – في قياس وتقييم نتائج العملية التعليمية / التعلُّمية، ومنها ما يلي:
1- استراتيجيات التقويم المبني (المعتمد) على أداء الطالب:
و تعرف بأنها قيام المتعلم بإظهار تعلُّمه، من خلال توظيف مهاراته في مواقف حياتيه حقيقية، أو مواقف تحاكي المواقف الحقيقية، أو قيامه بعروض عملية يظهر من خلالها مدى إتقانه لما اكتسب من مهارات، في ضوء النتاجات التعليمية المراد إنجازها.
من الفعاليات التي تندرج تحت هذه الاستراتيجيات:
أ. التقديم:
هو عرض مخطط له، ومنظم , يقوم به المتعلم، أو مجموعة من المتعلمين لموضوع محدد، وفي موعد محدد، لإظهار مدى امتلاكهم لمهارات محددة.
- كأن يقدم المتعلم / المتعلمون شرحًا لتفسير جزء من المقرر مدعمًا بالتقنيات مثل: الصور والرسومات والشرائح الإلكترونية إن أمكن.
ب. العرض التوضيحي:
هو عرض شفوي أو عملي يقوم به المتعلم أو مجموعة من المتعلمين لتوضيح مفهوم أو فكرة، وذلك لإظهار مدى قدرة المتعلم على إعادة عرض المفهوم بطريقة ولغة واضحة.
- كأن يوضح المتعلم مفهومًا من خلال تجربة عملية مرت به، أو موقف يتم ربطه بالواقع.
ج. الأداء العملي:
هو مجموعة من الإجراءات لإظهار المعرفة، والمهارات، والاتجاهات من خلال أداء المتعلم لمهمات محددة ينفذها عمليًا؛ كأن يطلب المعلم إلى المتعلم إنتاجًا قائمًا على ما تعلمه.
- كأن يطلب معلم التربية الإسلامية من طلابه أداء عملي فِعلي كالوضوء والصلاة ونحوهما.
د. الحديث:
هو أن يتحدث المتعلم، أو مجموعة من المتعلمين عن موضوع معين خلال فترة محددة وقصيرة، وغالبًا ما يكون هذا الحديث سردًا لقصّة، أو إعادةً لفهم معلومات استوعبها من الحصة، أو تقديمًا لشرح فكرة درس بحيث يظهر فيها قدرة الطالب على التعبير والتلخيص، وربط الأفكار.
- كأن يتحدث المتعلم عن “فيلم” شاهده، أو رحلة قام بها، أو قصة قرأها، أو حول فكرة عُرِضت في موقف تعليمي، أو ملخصٍ عن أفكار مجموعته في التعلم التعاوني لنقلها إلى مجموعة أخرى.
هـ. المعرض:
هو عرض المتعلمين لإنتاجهم الفكري والعملي في مكان ما ووقت متفق عليه لإظهار مدى قدرتهم على توظيف مهاراتهم في مجال معين لتحقيق نتاج محدد.
- كأن ينفذ الطلاب معرضًا لصور معبرة عن بر الوالدين والآيات الدالة على ذلك.
و. المحاكاة:
هي طريقة يستخدمها المعلم عادة لقياس مدى استيعاب الطلاب لمفهوم أو معنى معين أو مهارة محددة أو حدث واقعي، من خلال بناء نموذج مشابه لواقع موجود.
- كأن يقوم الطلاب بتقليد كبار قراء القرآن الكريم أو الخطباء أو الدعاة. أو إعادة تمثيل مشهد في السيرة النبوية.
ز. المناقشة / المناظرة:
هي لقاء بين فريقين من المتعلمين للمحاورة والنقاش حول قضية ما، حيث يتبنى كل فريق وجهة نظر مختلفة، بالإضافة إلى مُحَكِّم (أحد المتعلمين) لإظهار مدى قدرة المتعلمين على الإقناع والتواصل والاستماع الفعال، وتقديم الحجج والمبررات المؤيدة لوجهة نظرهم.
معايير الأداء | التحقق | ملاحظات | ||
دائمًا | أحيانًا | نادرًا | ||
أحرص على دخول الخلاء بقدمي اليسرى. | ||||
أحرص على دعاء دخول الخلاء. | ||||
أحرص على دعاء الخروج من الخلاء. | ||||
لا أتكلم عند قضاء الحاجة. | ||||
مثال: سلم التقدير اللفظي في أحد دروس الفقه
(درس: آداب قضاء الحاجة) |
ح.أداة سلم التقدير اللفظي (الوصفي):
هي من أدوات تسجيل التقويم في العملية التعليمية الفعالة والمؤثرة عند تطبيق استراتيجيات التقويم المبني على الأداء عبارة عن سلسلة من الصفات المختصرة التي تبين أداء الطالب في مستويات مختلفة؛ حيث يتم تصميم جدول به حقل مدون به معايير الإنجاز لمهمة تعليمية محددة، وأمامها سلم التقديرات، وهذا السلم تكون تقديراته لفظية (مقبول، جيد، جيد جدًا، ممتاز)، أو (دائمًا، أحيانًا، نادرًا)، ويمكن إضافة وصف المعلم لحقيقة التقدير وطبيعته – إن أراد- من خلال حقل الملاحظات.
2- استراتيجيات التقويم بالقلم والورقة:
تعد استراتيجيات التقويم القائمة على القلم والورقة المتمثلة في الاختبارات بأنواعها من الاستراتيجيات الهامة التي تقيس قدرات ومهارات المتعلم في مجالات معينة, وتشكِّل جزءًا هامًا من برنامج التقويم في المدرسة.
3- استراتيجيات الملاحظة:
هي عملية يتوجه فيها المعلم بحواسه المختلفة نحو المتعلم؛ بقصد مراقبته في موقف نشط، وذلك من أجل الحصول على معلومات تفيد في الحكم عليه، وفي تقويم أداءاته، ومهاراته، وقيمه، وسلوكه، وأخلاقياته، وطريقة تفكيره.
وتتميز الملاحظة عن غيرها من استراتيجيات التقويم بأنها تسجل السلوك بما يتضمنه من عوامل في نفس الوقت الذي يحدث فيه, فيقل بذلك احتمال تدخل عامل الذاكرة لدى الملاحِظ (المقوِّم).
4- استراتيجيات التقويم بالتواصل:
هي جمع المعلومات ـــ من خلال فعاليات التواصل ـــ عن مدى التقدم الذي حققه المتعلم، وكذلك معرفة طبيعة تفكيره، وأسلوبه في حل المشكلات.
5- استراتيجيات مراجعة الذات (التقرير الذاتي):
هي تحويل الخبرة السابقة إلى تعلُّم بتقييم ما تعلمه، وتحديد ما سيتم تعلمه لاحقًا.
أو هي: التمعن الجاد المقصود في الآراء، والمعتقدات، والمعارف، من حيث أسسها، ومستنداتها، وكذلك نواتجها، في محاولة واعية لتشكيل منظومة معتقدات على أسس من العقلانية والأدلة.
وينبغي أن تكون مراجعة الذات متكاملة مع المتعلم؛ فيعرف أن استخلاص العبر من الخبرات السابقة هدفه التحكم وفهم الخبرات اللاحقة.